خرجت كالعادة ، وأنا شاب غير محب للكلام الزيادة ،
ساعياً وراء القوت، متخذاً كرسي على القهوة
لربما يأتي زبونٌ على سهوه، فأرسل الله لي رجلاً كالملاك في هيئة بشر
راكباً في سيارته الهمر ، يبدو على محياه أثر النعمة ، واضعاَ في جواله (بوووس
الواوا) كنغمة ، فسألني بالخليجي: المعلم صباغ (نقاش يعني) قلت له: أيوا يا بيه ،
فطلب مني مرافقته، أردت أن استفهم عن المطلوب تنفيذه لفتح مجال للكلام فلم يعرني
ابن القديمه أي إهتمام ، وأخذ يتكلم عن أحوال مصر ناكراً على شعبنا ثورته على المخلوع
وأن مبارك راجل بن راجل وهو الوحيد اللي يعرف يحكمها لأن كلامه في المنطقة كان
مسموع، ولم أستطع أن أحدثه بدواخلي عشان لقمة العيش – لحسن كلامي ميلدش عليه (ميعجبوش
يعني) – وكل ما أردت قوله له: وإنت مال أهلك، فآثرت السكوت والاستماع، ولأوامره سوف
أنصاع إنصياع.
دلفنا للمنزل، خرجت لي زوجته (الحرمة) وإبنه الشحط الذي اكتشفت
فيما بعد أن الثور ده اللي يفصل مني 3 في الصف (الثامن المتوسط) حاجة كدا زي 3
إعدادي عندنا وقال لي: الحرمة راح تتفق معاك، وتركنا ومشى ، بدأت المرأة في اختيار
الألوان وإخباري بالمطلوب عمله في كل مكان وبعد أن أخبرتني تركتني هي وشحطها ،
وذهبت إلى منزل أمها حتى أبدأ مهمتي في بيتها أقصد في بيته.
عاد الزوج وبعد أن رأى الألوان اعترض وأخبرني إنه ما
يبغى ها الألوان، قلت له يا بيه الست اختارت...، فقاطعني بحد وقال: أنا اللي هدفع
لك مش الحرمة، قلت له: خلاص، وبدأت في العمل وفق مراده، فإذا بالإبن الشحط جاي
يقرف أهلي بإعطائي بعض الأوامر ممثلا سي السيد واحنا الست آمنة، ولم يتركني في
حالي حتى وعدته أنني سأجعله يسمع أي حاجة بتحصل في البيت من خلال توصيل سماعة هديفون
بكابل الدش، فتركني منشكحا وأنا بقول في دماغي (كابل دش إيه إللى هتسمع منه ياض يا
بن العبيطة).
المهم رجعت للبيت بعد 3 أيام من العمل صباحا حتى المساء وأنا
طالع سلسفيل أهل اللي جابو أهلي لدرجة أني نمت بملابسي المتسخة وأنا في قمة نومي
وشخيري ساحباً الهواء من الغرفة ومطلق من أنفي وحلقي صوت مدوٍ كالنفير إذا بالهاتف
المعلون يرن في الثالثة صباحاً بدأ يزن فقمت من النوم فزعاً وكأنني لُبِسْتُ من بعفريت
من الجن وقد هلعت هلعاً وقلت (خير اللهم أجعله خير مين ابن الجزمة اللي بيتصل السعادي):
ألووووو مين؟ قال: أنا فلان أبي (عايز) أسئلك سؤال وتجاوبني بصراحة؟ قلت وأن مخنوق
اتفضل يا بيه؟ قالي: تعيش أرنب سعيد ولا أسد تعيس؟ قلت له: ارنب سعيد بس مش فاهم
قصدك، قالي بكره إن شاء الله تعالى اصبغ البيت بالألوان اللي الحرمة اختارتها وأنا
هدفع لك اللي تبيه، ضحكت في سري وقلت له : تأمر.
قابلني الشحط في اليوم التالي وقالي: يا عم ما بسمع شيء
، قلت له وأنا كاتم في قلبي : تلاقي السماعة بتاعتك اللي بايظه ولا حاجة روح اشتري
واحدة جديدة وجرب كدا تاني، وقلت له في عقل بالي: أه يا بن الراجل اللي عارف
يحكمها.