
عنكبوت عشش علي القلب ، وخيوطه امتدت للعقل ، وذلك بسبب الإرهاق العقلي والبدني الذي حل بي منذ أصبحت معلماً ، وقد كنت أخبرتكم أنني أصبحت مدرساً للابتدائي في أحد المعاهد الأزهرية ، ولكن قبل أن أخبركم علي الواقع .
دعوني أقص كيف حصلت علي الوظيفة ، طلب مني أحد المعارف تجهيز ورقي لأنه ربما يطلبوا مدرسي حاسب آلي ، لم أهتم بطلبه لأنني كنت في طريق لتحقيق حلمي وهو السفر لأمريكا ، تلك السفرة أخذت من عمري سنتين من الأحلام وما يقرب 4 شهور تجهيز أوراق وإعداد لمقابلة القنصل ، ومع ذلك طلب أبي مني أن أجهز أوراقي ، حتى يكون عندنا خطة بديلة في حالة حالت الظروف بيني وبين حلمي الأول .
اتصل بي صديق الأب ، طالباً أوراقي ، أخبرته أنني في " حنة " أحد أبناء أصدقاء أبي القدامي ، و سآتي له بعد أن أؤدي واجب الدعوة من " نقوط " وآكل – لأن الأكل المجاني له طعم مختلف تماماً علي باقي أنواع الطعام – سلمنا علي أبو العريس وأعمامه والعريس وأخوه ، ثم تركنا – الحنة – لكي أعود أدراجي وأعد الأوراق سلفاً ، قابلت صديق الأب مخبري عن الوظيفة ، طلب مني أن أذهب إليه في مكتبه بالغد لكي يرسل معي أحدهم لكي يدلني علي الطريق ، وأيضا يجعلني مدرس في نفس مدرسة الصديق ، وجدت أنني لست الوحيد وأخذت أمضي علي الأوراق ، لم آبه بقرأتها وكل ما كنت أراه أني سأصبح مدرس حاسب أخير وأعمل في مجال دراستي .
اتصلت بزملاء الدراسة ممن أملك أرقام هواتفهم ، أخبرتهم بوجود حاجة لمدرسي الحاسب في الأزهر ، جاء البعض وتهرب البعض ، ومن جاء دعي عليَّ لأنهم اكتشفوا ما اكتشفته بعد ذلك أن الراتب 250 جنية شهريا بدون علاوات ، قابل للنقصان في حالة غياب يوم ، لا توجد لي أجازات ، لا يوجد لي كادر معلمين ، لا يوجد لي مكافأة امتحانات ، وتاريخ تعيني بداية من شهر 10 نهاية حتى نهاية شهر 4 ويتم فصلي حتى لا أحصل علي راتب في الشهور 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، لدرجة أني أطلقت علي العقد اسم " عقد لا يوجد " .
رآني أحد الأقارب هناك ولم أكن أعلم أنه يعمل في ذلك المكان ، سـألني عن سبب الحضور ، أخبرته ، صعد معي للتوجيه لكي يختار " معهد بلدتي " ، فأخبروه أنه مليء بالفعل ، فطلب أن أعين في أماكن قريبة من بلدي ، فشكرته علي اهتمامه ، واكتشفت فيما بعد أنه هو من أخذ معهد البلدة لزوجته وخشي مني أن أطالب به ، فصعد معي لكي يتأكد أنني سأكون بعيد عن معهد زوجته المختار ( أو هكذا هيأت لي نفسي الأمارة ) ، علمت من حينها أنني خرجت للعالم صعب ، يكون تعامل الناس معك علي أساس أجندة لهم معدة سلفا ، أما أنا فقد مضيت علي العقد ولم يكن هناك سبيل للرجعة لأن ( القانون لا يحمي المغفلين )