سحقا للملين

حتي تشعر بالملل ، ليس عليك سوي أن تفتح كتاب ممل جدا ( من الآخر خنقة ) وتشرع في قراءته ولا تتوقف إلا لما تصل للصفحة الأخيرة أي ( من الجلده للجلده ) ، ماهو شعورك ؟؟

إنه قمة الإحباط ، ولو مكنوك من كاتب الكتاب لأقمت عليه الحد والقصاص ، تشعر أن الحياة كلها ( سايحة علي بعض ) ، تحس أن الدنيا ماهي إلا ( طبق مهلبية كبير ) ، إغترفت منها علي أنها ( مهلبية ) وفي النهاية ( طلعت بصارة ) ، الآن أنت تسير بلا هدف ، لا تفرق بين ليل ونهار ، الآن إمطيت قطار الحياة دون أن ( تقطع فيه تذكره ) وبدوره سيأتي لك ( الكمسري ) لكي يرميك خارجه، ستعلم حين إذن إنك لم تصنع شيئا يذكر في حياتك .

كل ما كنت تعيش من أجله هو أن تقتل الوقت ، لا تشعر بمدي تأثيرك فيمن حولك ، لا يشعر أحد بوجودك ، ربما تموت في يوم ما ، فلن تجد مظهر مظاهر الحزن عليك فتدرك أن أحد يحبك ، ولا مظهر مظاهر الفرح فتدرك أن أحد يكرهك .

أعلم الآن أنك تحمل في نفسك كمية الحقد والكره والبغض لكل من حولك ، ولو صبوه علي قمة جبل "إفرست" لأصبح أشبه بمنخفض "القطارة" ، كل هذا لم يكن بسبب الكتاب الملل .. كل ذلك كان بسبب حياتك ، التي كنت تتدعي أنها ( جميلة ولطيفة وهادئة ) وما إن كدر صفوها ( حتة ) كتاب حتي ظهرت علي حقيقتك .. لا أريد أن أحملك ما طاقة لك به ، فيكفي أنك بائس بحياتك ، باغض لمن حولك ، كاره لطوب الأرض ، ولكن وجب علي أن أرمي إليك بعض من حكمي المصطنعة من أجل أن أزيد عليك همومك .

فأنت شكلك إنسان .. لكن الحيوان أكثر منك نظاماً ، قد كرمك الله وأهنت نفسك بنفسك ، سحقا لك ولهذه الحياة المملة ، كل ما تصبر نفسك به أن الصَبرُ مفتاح الفرج ، ولكنك تعلم أن الفرج لن يأتي ، لا لأنه يكرهك هو الآخر وإنما لأنك تهرب منه ، تهرب من واقعك المُر ، لربما كان واقعك أشد مرارة من " الصَبْرْ " ، وإن كنت تريد نصيحة من حكيم كما أدعي علي نفسي ، كل ما عليك أن تولد من جديد .. ألا تهرب من أرضك البور إلي أرض جديدة ، ولكنك جاهد أن تصلح أرضك وتذكر الأغنية المملة " عايزنها تبقي خضره .." حتي لا تنسي ماضيك الممل التي كان بلا هدف ، فتحارب من أجل مستقبلك الذي ربما أصبح بهدف . فتبا للمل الذي يقتل أصحابه قبل أن يقتلوه .